الأحد، 4 نوفمبر 2012

ففروا الي الله


ففروا الي الله

من أعظم آيات القرآن التي استوقفتني من ايام والتي تهزني من داخلي فهي تجمع معاني الخوف والرجاء ...عندما يخاف الانسان من شيئ يفر منه بأقصي سرعة لديه محاولا النجاة ,الا الله عندما نخاف منه نفر اليه ندعوه ونرتمي علي أعتابه,, امرنا بالفرار منه اليه ليدرك الخلق أنه أرحم بهم ممن سواه وأنه يريد بعباده الرحمة والمغفرة ....

قصة ذكرها الامام الحافظ بن رجب في شرح حديث لبيك " كان رجل يبكي وينادي أين قلبي أين قلبي من وجد قلبي ؟

فدخل يوما بعض السكك فوجد صبيا يبكي وأمه تضربه وأخرجته من الدار فأغلقت دونه الباب فجعل الصبي يتلفت يمينا وشمالا ولا يدري أين يذهب ؟ ولا أين يقصد ؟ فرجع الي باب الدار فوضع رأسه علي عتبته فنام فلما استيقظ جعل يبكي ويقول :

ياأماه من يفتح لي الباب إذا أغلقت عني بابك ؟ من يدنيني من نفسه إذا طردتيني ؟ من الذي يؤويني بعد أن غضبت علي ؟

فرحمته امه ونظرت من خلال الباب فوجدت ولدها تجري الدموع علي خده متمرغ في التراب ففتحت الباب وأخذته حتي وضعته في حجرها وجعلت تقبله وتقول :

يا قرة عيني ويا عزيز نفسي أنت الذي حملتني علي نفسك وأنت الذي تعرضت لما حل بك لو كنت اطعتني لم يكن مني مكروها

فقال الرجل :لقد وجدت قلبي....لقد وجدت قلبي

وجد قلبه في التذلل علي أعتاب ربه وفي الفرار اليه أما آن الاوان لكي تفر قلوبنا واجسادنا الي الي من بيده كل شيئ ومن يعلم مستقرنا ومستودعنا,ونحن الاحوج الي فرار اليه في كل وقت

فر الي الله مع كل لحظة انكسار ,فر الي الله مع كل ذنب تذنبه فر الي عفو وغفرانه ,فر الي الله مع كل احساس بنعمه عليك لتشكره , فر الي الله  مع كل أحساس بالوحدة والالم لتؤنس وحدتك بالقرب منه وبمناجاته , فر الي الله مع كل احساس بالاحتياج لاي شيئ او اي شخص لتدرك انه ارحم بك ممن سواه ويعلم عنك أكثر ممن تحتاج اليهم وتظن أنهم أحن عليك منه سبحانه .

فر الي الله مع كل لحظة ضعف تغلبك فيها نفسك وتصارعها وتصارعك علي فعل الذنب وتقعد همتك فروقتها الي مراد الله وليس مراد نفسك لتحس بلذة النصر علي نفسك الضعيفة وتحس بلطف ربك ومدك بحوله وقوته

فر الي الله مع كل لحظة شح تراها في نفسك فر اليه لتكبح جماحها وتلجمها بلجام البذل والمعروف

فر اليه من جهلك الي العلم ومن عصيانه الي طاعته ومن غضبه الي عفوه ,فر الي الله مع كل لحظة تردد وتيه ليهيئ لك من أمرك رشدا

فر الي الله مع كل لحظة بطش او ظلم او انتقام منك لاحد لتتعلم كيف تعفو وتسامح

فر الي الله مع كل لحظة ألم ووجع لا يشعر بها غيرك ليخفف عنك ويطمئن قلبك انه يحبك

فر الي الله مع كل لحظة قهر او احساس بالظلم او الاضطهاد ليربت علي قلبك ويفيض عليك من رحماته ويقويك بالصبر وتطمئن الي وعده بالنصر

فر الي الله مع كل لحظة حب تحس بها لتشكره وتدعوه أن يديم ويبارك القلوب المحبة التي تحيا في ظلالها

فر الي الله مع كل لحظة تحس فيها بقسوة قلبك وجفاف مدمعك مع كل لحظة شهوة مع كل لحظة نجاح مع كل لحظة فشل مع كل احساس بالهم والضيق مع كل لحظة سعادة تحسها مع كل لحظة ضياع وسقوط مع كل فتور يصيبك مع كل طاعة يعينك عليها.... نحتاج الي تعلم و اتقان الفرار الي الله ,قال العلامة عبد الرحمن السعدي "وسمى الله الرجوع إليه فرارًا : لأن في الرجوع لغيره أنواع المخاوف والمكاره ، وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسعادة والفوز ، فيفر العبد من قضائه وقدره إلى قضائه وقدره ، وكل من خفت منه فررت منه ، إلا الله تعالى ؛ فإنه بحسب الخوف منه ، يكون الفرار إليه" .

فروا مما سوي الله الي الله ....

هناك تعليقان (2):